الأربعاء، نوفمبر 08، 2006

افكار شيطانية


أفكار شيطانية


سوف تخترق الرصاصة الجمجمة لتلتقى بهذا الجسم الهلامى فى اعلى الرأس محدثة صوت مثل التقاء الماء بجسد معدنى ملتهب (طش) وبعدها سوف يتوقف الإحساس لن اشعر بصوت انفجار هذا الجسم الهلامى بعد ذلك أو بقوتها وهى تخترق الجمجمة من الجهة الأخرى , لحظة واحدة فقط وانهى هذه المـأساة .

لازلت تعبث بهذه الخردة قالتها بعصبية بالغة بعد أن اقتحمت غرفة مكتبى الخاصة دون إذن كالعادة وكأنها تتلذذ بهدم لحظات سكونى هذه الخردة هى الإرث الوحيد الباقى من أيام بطولتى واكثر ما أعتز به فى حياتى أجبتها فى عصبية شديدة ليست خردة لازالت فى داخله رصاصة أطلقت ضحكتها الساخرة كالمعتاد وأردفت فى هدوء رصاصة رفضت أن تنطلق وعجزت عن إخراجها

ربما زوجتى هى الوحيدة التى استطاعة إثبات أن شعر الإنسان يستطيع أن يأخذ مساحة من الفراغ ومن الفراش أيضا أى شخص يستطيع أن يكتشف ذلك بسهولة بمجرد النظر أليها وإلى شعرها الطويل المتناثر فى كافة الاتجاهات وكأنه حصل على1000 فولت من الكهرباء الصافية ليحيط بجسدها المترهل ووجها الذى تكسوه ابتسامة تكشف عن أحد أسنانها الأمامية المكسورة التى تدفعك إلى الظلمة اللانهائية خلفها ويزيد مظهرها تناسق مجموعة الغرز الجديدة الممتدة من منتصف الجبهة إلى نهاية الحاجب الأيسر والتى حصلت عليها فى أحد ليالينا الزرقاء أو الحمراء أو أى لون آخر غير الظلام الذى أتجنبه معها عندما حاولت إثبات رشاقتها بالقيام بأحد حركات الباليه المشهورة فيسقط جسدها المترهل فى دلال محدثا اهتزاز بمقدار 8 ريختر داخل الغرفة إلا إن هذه الغرز لم تحدث نتيجة السقوط بل نتيجة محاولة رفعى لها وسقوطها مرة أخرى لأجد نفسى بعد ذلك فى أحد مستشفيات الطوارئ يلتف سكان العمارة حولى وعيونهم تكسوها الشفقة وقضاء ثلاثة اشهر فى الفراش أعانى من أثار انزلاق غضروفى لذلك فهي تعتز بهذه الغرز جدا وتعتبرها وسام على وجهها يثبت مدى حبى لها وان كنت افتقد هذا التورم فى جبهتها الذى كان يدفعنى إلى عالم من الخيال والمغامرة وكأنى أحد أبطال القرون الوسطى أواجه القراصنة

ربما اكثر ما كنت أتمناه وأنا احصل على أول مرتب لى من الوظيفة الميرى هو أن أكون ذلك الرجل الذى يعود كل يوم إلى المنزل بعد نهاية يوم شاق من العمل يحمل فى إحدى يديه الجريدة والأخرى بطيخة يشق بها حرارة الطريق ليجد زوجته تنتظره بابتسامه هادئة تبعث فى جسده الراحة . وبأى شئ آخر كنت أستطيع أن احلم بعد سبع سنوات متتالية على الجبهة تخيلت خلالها أن الرجل داخلى استطاع تحقيق جل طموحه ورجولته وها هى ثلاثين عاما تمر لأجد نفسى داخل هذا المنزل وهذه المرأة وحيدين بعد رحيل الأبناء إلى طرقهم المختلفة ولا أملك سوى هذه الوظيفة الميرى وما تسببه من إذلال على يد مدير متسلط لا يحترم التاريخ السابق ولا يأبه بالقادم ليخرج جميع إحباطه فى من يعملون معه ولا يكتفى بما أعانيه من نوم متقطع نتيجة لشعر زوجتى الذى يهاجم وجهى فى المساء فيأخذنى إلى عالم من الكوابيس لا نهاية له حتى استيقظ على صوت الصفير المتعالى من سنتها الأمامية المفقودة .

عندما اكتشفت أننى توقفت عن الحلم كانت المأساة فالماضى لن يفيد رجل فى منتصف العقد الخامس من العمر فى إكمال أيامه القلية الباقية لن يعطيه الأمل أو يساعده على جر قدمه فى الطريق أو مواجهته زحام الأتوبيس فى نهار يوليو واحتمال حرارة الشمس الحارقة وكأنه لا يكفيه ما واجهه فى خلال 50 عاما لتكتمل المأساة فلا يملك سوى أن يجتر ذكرياته السابقة وبطولاته فى الحرب وذكرى أول لقاء له مع زوجته أو رؤية أول مولود له ليجدها ذكريات مشوهة لا يستطيع حتى تذكرها كاملة

لأول مرة تنتابنى هذه الثورة داخلى وهو يتصايح أمام الجميع ولا يأبه بثلاثين عاما فى الخدمة جعلتنى نائب المدير فى هذه المصلحة ليحطم ذلك التاريخ كله أمام مجموعة من الشباب حتى يصبح هو الآمر الناهى الوحيد فى المصلحة ولا يأبه أحد بما أقول بعد ذلك وكأنى لا أستطيع أن أكون شئ سوى أن لا أكون

مالك ؟ قالتها فى هدوء لم أعتاد عليه من قبل أو أتخيل إنها لازالت تمتلكه فقطعت شرودى لم أراك هكذا من قبل ؟ فضلت الصمت فجلست بجوارى وتركت رأسها فى دلال على كتفى فهجمت خصلات شعرها المتناثرة على وجهى تابعت شرودى فكرت كثيرا فيما يحدث كان لابد لكل شئ أن يتغير تغير كلى فأنا أبدا لست بهذا الضعف فقط كل ما على أن أعود كما كنت من ثلاثين عاما هذا الجندى الصامد على ارض المعركة الذى يستطيع تحقيق المستحيل ولازال يستطيع . أشعلت إحدى سجائرى فارتطمت جمرتها بخصلات شعرها المتطايرة رفعت رأسها فزعة على رائحة شئ يحترق فضممتها فى هدوء وهمست فى أذنها لا تخافى فهم لا يجيدون صنع السجائر هذه الأيام فنصفها ملئ بقطع الخشب وأكملت سجارتى فى هدوء بين خصلات شعرها
وعلى وجهى ابتسامة كبيرة كلما ارتفعت رائحة الاحتراق
لم استطع النوم هذه الليلة من صوت بكائها المتعالى بجوارى على الفراش والذى يرتفع كلما حاولت كتم ضحكاتى كلما تذكرت منظرها وهى تتقافز أمامى بجسدها المترهل والدخان يتصاعد من شعرها المحترق ليرسم صور أشباح تحتضر فى هواء الغرفة مع صوت صياحها المتعالى .
لا اعلم ما الذى دفعنى إلى حمل المسدس معى إلى العمل هذا اليوم لكننى اندهشت جدا عندما وجدت هذه الفتاه فى منتصف المصلحة تسأل عنى ويلتف حولها الجميع فى محاولة كسب ودها والتمتع بجمالها الهادئ .

انطلقت داخلى هذه الرائحة الجميلة التى اعرفها جيدا لتحتوينى وتدفع داخلى الحيوية والنشاط مع اقترابها منى تتبع إشارة من يد ساعى المصلحة إجابة على سؤالها عنى لتفاجئنى بأنها أبنت زميلى فى السلاح جاءت لتستلم العمل داخل المصلحة .

مع منتصف النهار بعد قدومها كنت أنا الرجل المهم لشباب المصلحة والأسئلة تنهمر على كالمطر عن أيام الحرب وكيف كنت عضو فى القوات الخاصة ولماذا لم أخبرهم والجميع يسأل عن فترة لم يلحق بها وما أن بدأت فى السرد حتى أصبحت غرفتى الخالية أشبه بمسرح كبير لا يوجد فيه سوى بطل واحد يشعر بكل معانى الفخر والإطراء هو أنا لم يوقفنى سوى صياح مديرى فى الجميع وتوزيعه الإهانات كالمعتاد
لم استطع تمالك غضبى وتركت ثورتى تنطلق لتواجهه بما لا أستطيع أن أواجهه به طول الفترة السابقة فيصبح كالفأر المذعور الذى وضع داخل دائرة من نار والعرق يتساقط من وجهه وجسده الذى يشبه طبق ضخم من الجيلى يتحرك معه كلما حاول الهرب من مواجهتى .
مشيت متفاخرا بعد انتهاء العمل وسط الجميع وكالعادة ذهبت لشراء بطيخة ضخمة اصطحبها معى فى طريق العودة من العمل مع وضع أول قدم داخل أتوبيس العودة وجدتها أمامى داخل الأتوبيس فتركت البطيخة تسقط من يدى لتنزف دمها على إسفلت الطريق قبل أن تراها .

لأول مرة أعود من العمل لا أجدها تنتظرنى للحظة شعرت بالقلق ثم تنهدت فى ارتياح عندما تسربت إلى نفس الرائحة التى اعشقها محاولا اقتباس لحظات قليلة من الهدوء بعيدا عن لحظات دلالها التى تنتهى دائما بالفشل .
انتابنى الفزع عندما سقط نظرى على هذا الوجه الأنثوى الذى لا اعرفه لحظة استيقاظى من نومى وأنا بملابسى الداخلية فما كان من سوى آن قفزت ثم انبطحت أرضا محاولة إخفاء نفسى اسفل الفراش إلى أن اكتشفت انه وجه زوجتى بعد أن فقدت شعرها الطويل المتناثر فأندفع فى حالة هسترية من الضحك وهى واقفه أمامى لا تحمل سوى ملامح الغضب.
لم استطع النوم فى المساء فى هذا الفراش الخاوى الذى صار أشبه بصحراء مثلجة رغم حرارة الجو بعد هجرها له اعتراضا منها على ضحكاتى فما كان منى سوى إطلاق صفير كالذى يخرج من سنتها المكسورة فى محاولة يائسة للنوم.

لم يعد المسدس يفارقنى وكل شئ يسير كما أريد منذ أول مواجهة مع مديرى والتى توالت بعدها المواجهات ليصبح وحيدا فى غرفته حتى الموافقة على طلب نقله إلى مصلحة أخرى لأكون أنا المسيطر على الجميع داخل المصلحة وأن اصب غضبى على الجميع بعد ليالى طويلة اقضيها وحيدا دون نوم .
لازال قدوم هذه الفتاة يطلق داخلى هذه الرائحة التى اعشقها فى العمل وفى الطريق وفى المنزل وكأنها أصبحت جزء منى وكأن هذه الفتاة هى السمكة التى تحرك بحيرة راكدة لتزيل من على وجها الريم و الطحالب الساكنة داخلها
فى رحلة العودة داخل الأتوبيس تجرأت عن سؤلها عن نوع العطر الذى تستخدمه فاجأتنى بالإجابة أنها لا تستعمل عطرا أبدا ..

ربما تمنيت أن تعود إلى الفراش بجوارى لتصيبنى بالكوابيس على الأقل وقتها كنت أستطيع النوم خلالها بالتأكيد افتقدها وافتقد لحظات دلالها وحنناها افتقد قدرتها على جعلى ابتسم على بعث الحياة فى المنزل الذى اصبح خاوى رغم بقاؤنا داخله لا يكسر صمته سوى كلمات قليلة منى لا تقابلها إجابة .
تأملتها فى صمت اندهشت عندما وجدتها فقدت الكثير من وزنها نظرت إلى وجهها الشاحب أتأمله فوجئت عندما لم أجد الغرز الممتدة من منتصف الجبهة إلى الحاجب الأيسر كانت جميلة بشعرها القصير المتطاير فى عفوية اقتربت منها فى مودة اختفت الغرز أجابتنى فى هدوء منذ شهر لكنك طبعا لم تلحظ
حاولت فى استماتة مصالحتها حتى وافقت على العودة ألى الفراش

فى الفراش كانت هذه الرائحة التى اعشقها تنطلق منها هى رائحة البنفسج التى اعشقها والتى لم تغيرها يوما منذ زواجنا اقتربت منها فى دلال فابتعدت
أضافت غاضبه لا تعلم ما الذى تفعله عندما تهين امرأة تقترب من سن اليأس امرأة لا تملك سوى أن تعتقد إنها لازالت جميلة فى عين زوجها الذى أضاعت معه جمالها احتملت تحولك من النقيض إلى النقيض احتملت استسلامك وفتورك حاولت إخراجك من وحدتك وفعلت كل ما تستطيع المرأة أن تفعله
احتضنتها وحاولت تهدئتها لم انتبه سوى ومسدسى فى يدها وفوهته ملتصقة بالجمجمة
*أنتى أيضا تعبثين بهذه الخردة
- ليست خردة لازالت داخله رصاصة
* رصاصة لم تنطلق وعجزت عن إخراجها
- لم تحاول إطلاقها مرة ثانية أبدا

سوف تخترق الرصاصة الجمجمة لتلتقى بهذا الجسم الهلامى فى اعلى الرأس محدثة صوت مثل التقاء الماء بجسد معدنى ملتهب (طش) وبعدها سوف يتوقف الإحساس لن اشعر بصوت انفجار هذا الجسم الهلامى بعد ذلك أو بقوتها وهى تخترق الجمجمة من الجهة الأخرى , لحظة واحدة فقط وانهى هذه المـأساة
ابتسمت ابتسامة لم افهمها فكشفت عن سنه جديدة بدلا من سنتها المكسورة وسبابتها تمتد إلى زينات المسدس

Tamer_silit
15/6/‏‏2002
7:30 pm

ليست هناك تعليقات: