الأربعاء، نوفمبر 08، 2006

المتاهة



المتاهة
(دخان سيجارتى المنطلق من داخل الصدر هو الدليل الوحيد لدى لبقائى على قيد الحياة ).
وضعت الحجر المستدير بجوارى أسندت ظهرى على الجدار الحجرى خلفى بحثا عن بعض الراحة . تحسست بأناملى الحجر المستدير تمنيت أن افهم معنى النقوش المحفورة عليه لأستطيع الوصول إلى نقطة النهاية والخروج من داخل المتاهة آلا منتهية و الوصول إلى مدينة الأحلام .
حاول النوم التسلل إلى جفونى فلم يستطيع فأنا لا أعلم متى سوف تهتز الأرض اسفل قدمى مرة أخرى و.لا اعلم إلى أى مدى سوف أستطيع احتمال الألم . منذ خروجي من المدينة وأنا فقدت الإحساس بالزمن فلا اعلم إن كان مر على أسبوع أو بضع سنين وأنا احمل الحجر أدور في الممرات آلا منتهية داخل المتاهة .
الآن فقط أستطيع أن اعترف بأنني أخطأت عندما أعلنت اعترافي بالأمل ولم استمع للجميع داخل المدينة الذين اعترفوا بعدم إمكانية الخروج من المدينة وعبور المتاهة دون حل رموز الحجر المستدير. فها أنا المغامر أتحول إلى فأر مذعور داخل جدران المتاهة المغلقة أحاول الهروب قبل أن تسحقني العجلات الضخمة أسفلها. لا أستطيع العودة أو الخروج . تتداخل الحقيقة بالوهم ويندثر الزمن فأعيش داخل حلقة مفرغة .
لا اعلم إن كانت الوجوه التي اراها منذ اللحظة الأولى لدخولي المتاهة حقيقية أم هي محض خيال فها أنا أرى جميع من في المدينة داخل المتاهة يحملون نفس الحجر المستدير ويحمل وجههم نفس الرعب عندما تهتز الأرض اسفل أقدامهم . إذا كانت حقيقة فلماذا رفض الجميع دخولي إليها وهو داخلها أصلا . وإذا كانت وهم فكيف اشعر باحتكاك الجسد وكيف ترتسم ملامح الألم على الوجوه .للحظات اشك أنني غادرت المدينة وان المتاهة داخل المدينة منذ البداية. يعجز عقلي عن تحليل الأمور فاقتنع بأنني داخل كابوس طويل لا بد أن ينتهي وأنها ما هي إلا لحظات بسيطة و أفيق لاجد نفسي على فراشي ووقتها فقط سوف اشعر بالسرور عندما تلتقي عيوني بالظلام الذي يحيط بالمدينة .
هاهي الأرض تهتز ببطئ اسفل قدمي من جديد اعلم جيدا أن الاهتزاز سوف يزيد تدريجا. لا وقت الآن سوى للهرب احمل الحجر بسرعة ابدأ في الهرولة بين الممرات أجد الجميع يهرول في شتى الاتجاهات . تغوص قدمي في الوحل ارتطم بالجدران الحجرية اثر الارتطام يترك جروح غائرة في الجسد لا اهتم . يزداد اهتزاز الأرض اسفل القدم فينتابني الرعب اتجه إلى أحد الممرات أجد العجلات الضخمة أمامي تدوس على الجميع احتضن الحجر التف عليه بجسدي كالأفعى اسمع تأوهات من أمامي . يصل إلى أذني صوت تحطم عظامه احتضن الحجر في قوة اغمض عيني استعد للألم . تمر العجلات الضخمة على جسدي المحتضن الحجر تحطم الضلوع في صوت مسموع لا أستطيع التأوه للحظة اعتقد أن روحي فارقت الجسد. تمر العجلات وأنا لا أزال التف كالأفعى بجسدي على الحجر أتحسسه أتأكد من سلامته أحاول التنهد اكتشف أن الأضلع المحطمة عاجزة عن الوصول إلى الهواء. لحظات تمر كالدهر أتابع بعيني رحيل العجلات الضخمة أقاوم الألم وانهض
.الحجر قال البعض انه يحمل حل للعنة التى أصابت المدينة منذ القدم فتركتها فى ظلام حالك ووضعت أمام من يحاول الخروج منها المتاهة يقول البعض انه من أيام الملك سليمان ويقول البعض انه اقدم منذ ذلك بكثير ويقول البعض انه لا يحمل سوى وهم وأن اللعنة أصابت المدينة عندما استسلم الجميع للحياة .
اللعنة جعلت الجميع ينتظر حل رموز الحجر ينتظر اليوم الذى يستطيع فيه عبور المتاهة والوصول إلى حيث مدينة الأحلام حيث يصل الحلم لمنتهاه جعلت الجميع ينتظر الأمل ويستسلم للواقع . ربما حاول قبلى الكثير ولكنهم لم يعودا أبدا فى تأكيد واضح لأهل المدينة انهم ابتلعتهم المتاهة بين ممراتها آلا منتهية وسحقتهم عجلاتها الضخمة التى لا يستطيع أحد الهروب منها.
أخذتنى الممرات الضيقة بين طويتها مرة أخرى لم يعد للحيرة معنى وسط تشابهها الدائم لم يعد هناك سوى الاستمرار حتى لو فقدت الأمل فحتى الأمل لم يعد له معنى داخل المتاهة فقط يجب أن تعتاد الألم والوحدة يجب أن تعتاد الظلام وانحدار الطرقات يجب أن تعتاد الجراح الغائرة فى الجسد ولا تهتم بما تتركه من علامات حتى تستطيع البقاء .
للحظة اعتقدت أن شكل هذا الممر مختلف جدران ناعمة وارض صلبة خالية من الوحل انطلقت داخله فشعرت انه لا ينتهى. لفحت وجهى تيارات هواء باردة تحمل رائحة عطنة فدفعنى الأمل على تتبعها حتى وصلت إلى نهاية الممر لأجد باب صغير يكسر جدران المتاهة انتابتنى فرحة غامرة وأنا اخطوا أولى خطواتى خارج المتاهة فتغوص قدمى بالوحل ويلتقى نظرى بظلام لا نهائى يحيط بالفراغ من حولى .
نفذ الهواء البارد إلى الجسد فأصابتنى رعشة لذيذة ملأت صدرى برائحته العطنة واتجهت إلى الطرقات الواسعة فالتقيت بآلاف من شواهد القبور جميعها تحمل أسماء اعرفها وتعرفها المدينة جيدا فجميعهم دخلوا المتاهة قبلى .
اعلم جيدا إنها ليست مدينة الأحلام ربما هى نهاية الطريق والخلاص من الألم ربما هى الأرض التى تلفظ خارجها المتاهة ضحاياها فى لحظة شفقة منها على من داخلها.
تابعت السير أتأمل شواهد القبور أتذكر الأسماء والوجوه فأكلنى الحزن وتزايدت داخلى الوحدة على نهاية مصير هؤلاء الذين كانوا قادرين على مواجهة الواقع وتغير الزمن فماتوا دون نتيجة.أسندت ظهرى على أحد شواهد القبور كان يحمل اسم أبى أشعلت إحدى سجائرى أطلقت دخانها فى الهواء. وضعت الحجر بجوارى و تأملته تمنيت العودة إلى مدينتى الملعونة .
**وصلت قبل موعدك. وصلت إلى أذنى الكلمات فانتفضت بشدة اخترق بعينى الظلام ابحث عن مصدر الصوت فوجدته خلفى يقف بجسده الصغير وملامحه الجامدة لا اعلم من أين جاء
.*وصلت أين ؟
سؤال إقتحمنى فنقلته إليه
**إلى مدينة الأحلام *
هذه ليست مدينة الأحلام مدينة الأحلام تحمل الضوء والخضرة والحياة
**مدينة الأحلام حيث يصل الحلم إلى منتهاه وهنا نهاية حلمك .
* مستحيل
** تحمل الحجر فلماذا لا تفهم ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!
* لا أستطيع حل رموزه
امسك الحجر فى يده فأضاء ظهرت رموزه واضحة قرأتها فملأتنى الدهشة فهى كلمات حفظتها عن ظهر قلب فكيف تستطيع حل اللعنة أو الطريق إلى خارج المتاهة. أمسكت الحجر فى يدى فخفى ضوءه تذكرت كلماته الله الإيمان الحياة الحب الأمل الحلم …. كلمات احفظها واحفظ معناها جيدا كلمات معناها هو من جعلنى انطلق إلى داخل المتاهة من البداية لكن ما الفائدة .
انتابنى الحنين إلى مديناتى فحملت الحجر وعدت فى طريقى ربما أستطيع الوصول إليها مرة أخرى ربما أجد هناك من يفهم معنى الكلمات على الحجر ويستطيع كشف اللعنة .
وجدت الممر الذى جئت منه فعبرت داخل المتاهة تخلصت من رائحة الهواء العطنة فى صدرى وسرت بين الممرات اهتزت الأرض اسفل
قدمى بشدة فلم أحاول الهرب أسندت ظهرى على الجدار الحجرى خلفى ووضعت الحجر المستدير بجوارى رأيت العجلات الضخمة تقترب
فأشعلت إحدى سجائرى أطلقت دخانها فى الهواء. فدخان سيجارتى المنطلق من داخل الصدر هو الدليل الوحيد لدى لبقائى على قيد الحياة)
(

ليست هناك تعليقات: