السبت، ديسمبر 22، 2007

الحلم يألوان مختلفة

الحلم بألوان مختلفه

تاوه بصوت مسموع وهو يتمطى فى فراشة فإرتد إليه الصوت من جنبات المنزل الخاوى . تاكد من احكام الغطاء حول جسده المرتعش . اغلق جفنيه بقوة فشعر بضغطهم على حدقة العين . جاهد للسقوط فى نومه العميق وكله اصرار على ان يكون نومه فى هذه الليلة مختلف عن كل ليلة سابقة وان تكون هذه الليلة هى نهاية المشكله.
فى الصباح ظهر بتوتره المعتاد الظاهر على جنبات وجهه وكأنه جزء من ملامحه يرافقه صمته العميق الذى يواجه به كل شئ ماعدا تلك الثورة المشتعله داخله والسؤال الدائم التردد فى راسه دون ان ينتهى عن كونه لا يستطيع !!.
على الرغم من وصوله إلى الاربعين و ظهور الشعيرات البيضاء المتدافعه فى جنون بين سواد شعره . وحدته القاتله ووصوله لهذا السن دون زوجة او صديق على الرغم من عدم تذكره اشتهاؤه يوما لامرأة ولعله حتى لا يعلم كيف يشتهى الرجل أمرأة إلا ان كل ذلك لم يكن يؤرقه او يمثل مشكله فى حياته . فقط كانت تؤرقه طريقة الحلم التى تلازمه كل يوم منذ مولده فتجعله لا يهنأ بلحظة واحده فى حياته .
أحلام بالابيض والاسود هذه هى مشكلته فى الحياة التى لا يستطيع حلها . دائما تأتى احلامه دون ألوان فقط الابيض والاسود والرمادى وكأنه مخلوق مختلف عن باقى البشر وكانه لا يمتلك سوى تلك الالوان الباهته . وكأنه لا يستطيع ان يكون مثلهم يوما .
فى البدايه لم يكن يهتم . كان يعتبر ما يحدث له شئ يحدث لباقى البشر . وعندما أكتشف اختلافه انتابته حالة من الضيق و الكأبه مع الوقت تحولت إلى حالة من الخوف تتخلل دمائه لتصل إلى القلب مع كل نبض من نبضات قلبه . شعر بأنه انسان منبوذ فتقوقع داخل وحدته الابديه.

حاول كل شئ درس الاحلام وتفسيرها ادمن الاستماع إلى احلام الاخرين وتفسيرها ودائما ما كان يتوقف ليسأل عن الالوان داخل الحلم متعلل بأهميتها فى التفسير لعله يستطيع تخزينها داخله وأجترارها اثناء نومه فأشتهر بمدى عشقه للاحلام ومدى قدرته على التفسير فكانت هى الباب الوحيد الذى يتعامل به مع من حوله . اتجه إلى تتبع اثر السحر والمشعوذين وطرق كل باب للحصول على الالوان المفقوده داخله . اصبح وجها مألوف على أعتاب عيادات الاطباء النفسيين للوصول إلى حل ودائما كانت النتيجة تتوقف بعد عدد قليل جدا من الجلسات لا يتعدى اصابع اليد الواحده وعدد ضخم من الاقراص المهدئة والمنومة التى لا يحتاجها موضوعه بجانب فراشه لان مشاكله تزداد كلما سقط فى النوم ليصتضم بألوانه الباهته.

المهدئات كانت تزيد مشكلته حده لدرجة ان احلامه تحولت إلى معضله عندما تحولت إلى لغات اخرى لا يتقنها لكنه يعلمها فيستيقظ من الحلم وهو لا يعى معظم ما يدور داخلها فتتحول أحلامه إلى طلاسم لا يستطيع فكها فتزيد توتره وتقوقعه ...

فقط طبيب واحد هو من ظل يستمع له كثيرا دون ان يلقى به فى بحر الادويه .. فقط يستمع إلى كل تفاصيل حياته ولا يتحدث ولا يصف علاج فلم يعد يستطيع ان يحصى عدد الجلسات او الشهور التى قضاها معه فأصبح على يقين بأنه طبيب كل ما يبحث عنه هو مبلغ اكثر كلما طال العلاج ... حاول ان يرحل لكنه كعادته لم يستطع اتخاذ مثل هذا القرار فهو لا يهتم بأتخاذها واقنع نفسه بالامل .

وعندما طالب الطبيب بأى نوع من العلاج فاجاءه الطبيب بالرفض ليواجهه بحقيقته وسبب هروب ألوانه لكونه انسان من فراغ لاوجود له لا يؤثر ولا يتأثر بما حوله محايد لا سالب ولا موجب نتيجة مستمرة للاشئ.
توترت ملامحه فى شدة حاول ان يصرخ يرفض يرحل بعيدا عن الطبيب . لكنه لم يستطع ، تحداه الطبيب ان يذكر اى موقف فى حياته تمرد فيه او رفض أو غضب أو مشاجرة أو حتى محاولة للتغيير فلم يجد إجابه .
رحل يبحث عن الوانه يبحث عن رفض عن تمرد لم يستطع اكتشف ان حياته خاويه وانه لا يوجد بين وحدته ما يرفضه او من يواجهه أويحاول التمرد عليه لا يوجد حتى موضوع واحد يستحق النقاش . أو هدف يستطيع العيش من أجله . اكتشف أنه لايملك رغبات أو أحلام مثل باقى البشر.

اصابته حالة من الكآبه أقترب لحالة من القناعة بعدم وجوده ووجود أحلامة الهارب منها الالوان .. فى الطريق كالعاده اوقفه بائع الفاكهة أمام منزله يعرض عليه ما لا يحتاجه فيأخذه دون نقاش ....كعادته دفع بيده داخل جيبه مستعدا لاخراج الثمن الذى سوف يطلبه البائع دون نقاش ودون ان يعلم ما الذى يحتويه الكيس فى يد البائع الممتده إليه .... إحتدت معالم وجهه تسمرت يده داخل جيبه انطلق الغضب من داخله يحمل معه كلمة لا فأعتلت الدهشة وجه البائع وهو لا يفهم ما يحدث ... لا ... قالها بقوة هذه المرة فأزدادت دهشة البائع ... لا الاخيرة قالها وهو يندفع فى اتجاه البائع محاولا مهاجمته فأوقفته نظرت الغضب الشرسه المنطلقه من عين البائع والمرتسمه على جميع ملامح وجهه.
إنطلق مسرعا فى طريقه إلى المنزل يحمل فى يده كيس الفاكهة الذى لا يعلم محتواه مع اصابات طفيفة فى الوجه وينقص من جيبه مبلغ من المال ضعف ما طلبه البائع .... لكنه على الرغم من كل ذلك كان لا يستطيع ان يخفى ابتسامته الواضحة على وجهه . وهذا الشعور بتدفق الدم فى انحاء جسده.

لم يكترث بأى شئ .. فقط انطلق إلى فراشه مسرعا باحثا عن ألوان احلامه المفقوده وهو تنتابه سعاده غامرة بعد أول (لا) قالها فى حياته . والشعور بأن كل شئ بدأ ان يتغير .

عندما استيقظ كان توتر ملامحه يصل إلى ذروته ليختلط مع همهمات غير مفهومة منطلقه من داخله عندما اكتشف مدى تعملق مشكلته ... فهذه المرة جاءه الحلم بنفس ألوانه الابيض والاسود لكن بلغه لا يفقها ولم يسمع بها على الاطلاق و مع الحلم ظهر شريط واضح المعالم جدا وضعت عليه كلمات الترجمه للغة التى لا يفقها على الاطلاق .

Tamer_silit
19/12/2007
10.30am

هناك 9 تعليقات:

Unknown يقول...

الحقيقة هو الأسلوب جميل...وأنا هاقولك رأيي بصراحة لأنك طلبته مني

في بعض الجزيئات حسيت ان فيه اطالة شوية
لكن موضوع القصة عجبني قوي وكنت منتظرة أنك تلاقي حل لمشكلة الراجل ده
وصدمني تفسيرك لأحلامه اللي بالأبيض والأسود

بس تفتكر رأي الطبيب النفسي ده مظبوط؟
تفتكر انه بجد يكون ده السبب؟

أنا شخصيا أتمني انه ما يكونش مظبوط
تعرف ليه؟

أصل أنا أحلامي دايما بالأبيض والأسود
حتي لما باسترجع موقف بذاكرتي بيبقي بالأبيض والأسود
مش عارفة القصة دي من وحي خيالك ولا شفت شخصية كدة فعلا
بس أديك شفت شخصية كدة بجد أهو

بس ماعتقدش ان الموقف الأخير بيمثل حل للمشكلة أكيد الدكتور كان يقصد أنه يكون موقف ايجابي بجد مش موقف ايجابي مفتعل وهو كان فاكر انه لما يفتعل الموقف هتتحل مشكلته ولو أنها اتحلت جزئيا بالترجمة


تحياتي ياتامر

وان شاء الله هارجع للمدونة تاني

وأتمني نكون أصدقاء

Tamer silit يقول...

fanan fa2eer

شكرا على رايك

وعلى مرورك

تفسير الطبيب صح او غلط صراحة مش مهم لان بالنسبة لى مش مهم التفسير على اد ما هو مهم انعكاس الحالة وهى السلبية مش الحلم بالابيض والاسود

وتخصيص المشكلة كمان ما ينفعش فى النهاية القصة رمزية وتحمل كتير جدا من الاحتمالات

تقبلى احترامى

egy anatomist يقول...

سيدي العزيز.. موهبة أصيلة ولا شك. احساس مرهف دقيق يلتقط تفاصيل النفس البشرية. تمكن من الأدوات حقا يشجي ممتعا ويستثير العقل متسائلا

استمتعت حقا.. أشكرك

..

تحياتي واحترامي

Tamer silit يقول...

egy anatomist

شكرا على ردك ورايك ومروك الذى يشرفنى

غير معرف يقول...

انا شايفه يا تامر ان احلامه واضحه جدا هو شخص مختلف ودا مش صعب الصعب انه ما يبقى فاهم اختلافه عن الاخرين وكمان ما يلاقى فيهم حد يوافق نفس اختلافه
واللغه اللى ظهرت على الشريط هى اللغه المفروض يقراها بس هو لما اتغير وحب يكون زى الناس التانيه بقى مش
عارف يقرى حتى اللغه اللى كان بيفهمها

والمفقود من وجهه نظرى هو شجاعه الشخص انه ياخد قرار الاختلاف حتى لو كان حلم

تقبل تقديرى واحترامى لكتاباتك دائما

بسنت

ســمـــر احمد يقول...

اكيد انت عارف رايى
انا بحب القصة دى
ايه رايك بقى ؟

Tamer silit يقول...

بسنت

وتقبلى احترامى لقراءتك ورؤيتك للنص

ومداخلاتك دائما التى تشرفنى

Tamer silit يقول...

سمر

وانتى عارفة راى

اكيد ما اقدرش اتكلم

نادي حواء يقول...

شكرا علي الكلام الجميل ده