السبت، فبراير 03، 2007

الله .... الوطن .... زلابيه !!!


الله .... الوطن .... زلابيه !!!


كالعاده مع بداية كل نهار ترتطم بالفراغات اللامنتهيه فى داخلك . كوب الشاى يحمل معه نشرة الاخبار فتحاول أن تحصى معها عدد القتلى فى انحاء الوطن فلا تستطع . شهادت الماجيستر فى الدراسات الاجتماعيه المعلقة اعلى فراشك لا تمنعك من فتح درج مكتبك الأيمن فى محل عملك كل صباح . وكلما سقط مبلغ فى قاع درجك اسقطت توقيعك وسقطت معه سقوطك الذى لا ينتهى بقاع درجك أو بأرتطام مكعبات ثلجك فى قاع كأس خمرك كل مساء أو حتى مع تغير نتوآت الجسد العارى بجوارك كل ليلة .
سقوطك الذى تراه فى نهاية كل يوم فى وجه مديرك وهو يقتسم معك حصيلة درج مكتبك الايمن من أبناء الوطن المطحونين . فيزيد الفراغات اللامنتهيه فى داخلك .

تسير فى المساء تحت المطر تبحث عن امرأة ليل اخرى . ليس مهم الشكل وليس مهم الجسد . المهم أن تكون قادرة على إذابة مكعبات ثلجك داخل الكأس . المهم أن تكون قادرة على أن تخفى الفراغات اللامنتهيه داخلك فى المساء . تتذكر عنفوانك أيام الجامعه وتحديك للنظام من أجل الكفايه والعدل وتتخيل أنه مبدأ لا يموت . الله ... الوطن ... الشعب تلك الكلمات التى كانت تجعل الجميع مرفوع الهامة داخل هذه الزنزانه الضيقه رغم قسوة السلطه و ألم التعذيب . الله ... الوطن ... الشعب . كم من الجرائم ترتكب تحت اسمك يا الله وانت منها براء وكم من الأمانى زبحت على أرضك يا وطن والشعب كم من شعبك مات ليرفع اسم الملك ويضع محله الشعب . الأن شعبك غريب فى وطنه يضع ما يملك فى درج المكتب الايمن . تعلم ان جميع أمطار العالم ليست قادرة على تطهيرك من ذنوبك .

تلمحها من بعيد . تتوقف . تتابعها بخبرتك تتأكد من هويتها رغم ملابسها المحتشمه . وجه جديد لم تدرس نتوآت جسده من قبل . تقدر انها سوف تطلب خمسين جنيها تعلم انك قادر على اقناعها بنصف المبلغ وإن اصرت ليس مهم فالليل فى نهايته والمطر ينهمر وهناك دائما من يدفع فى درج مكتبك الايمن .

تتجه إليها تسحبها من زراعها فى جرأتك المعهوده . تلتقى ببراءة ملامحها و دهشتها فترتبك فى داخلك . تستجمع قواك وثقتك فى خبرتك وتخرج من جيبك ورقه بخمسين جنيها وتنتظر الرد . تلمح الغضب على وجهها تتأكد من انك اخطأت و أن خبرتك قد خانتك هذه المرة . تسرع فى الخطى ولا تنظر خلفك . تشعر بيد تحثك على التوقف . تنظر خلفك تجدها امامك تحمل براءة ملامحها . تخفى ارتباكك تطالبك بمئة جنيه فتوافقها دون مساومة تسحبها من زراعها وعلى وجهك ابتسامه .

تتحسس تموجات جسدها العارى بجوارك تصلك هذه الارتعاشة التى تجتاحها تضع قبله على جبهتها . تبكى تحتضنها فى تلقائيه وقد اعتدت مثل هذه الأمور بحكم خبرتك . تهدهدها حتى تهدأ فتنام على زراعك . تتأمل ملامحها تشعر بشئ مختلف . هذه البراءة وهذه التموجات الناعمه فى الجسد والتى لا تحمل تلك النتوآت البارزة وذلك الجلد الخشن الذى يصدمك . هذه الحرارة التى تنبعث من الجسد إليك وهذه الرائحه . كل شئ مختلف . تبحث عن كأسك تحاول الوصول إليه فى حرص تخشى ان توقظها فلا تحاول . تتذكر كعادتك أنك لم تسألها عن اسمها تتأملها تذكرك بكرات الزلابيه الساخنه التى تكسر برودة الشتاء وتنهى مرارت وحدته فتسميها زلابيه . تترك الكأس وتضمها إليك فى هدوء تتركها فى نومها الهادئ دون ان تبحث عن ما دفعت ثمنه .

فى الصباح تستيقظ على وجهها الهادئ . تناديها زلبيه فتبتسم فى خجل ولا تعترض . تلمح الكأس وقد ذابت داخله مكعبات ثلجك . تحثها على ان تبقى إلى المساء ترفض . تتابعها من شرفتك وقد ابتلعها الزحام .

فى المساء تمسح الشوارع باحثا عنها . لا تجدها تستوقفك أمراة اخرى تساومك ترفضها . توافقك على نصف الثمن تتركها وترحل تبحث عن زلابيه وعن اختلافها . تيأس . تعود إلى منزلك مع نهاية الليل تجدها تنتظرك أمامه .

تترك مكعبات الثلج تذوب داخل الكأس فى وحده . تتحدث وتضحك كما لم تضحك منذ سنين تخبرك أنها تكره الكأس فتحطمه . تسألها عن اسمها فتخبرك انها ترضى بزلابيه فهى لم يدللها أحد من قبل فترضى انت ايضا . تهدهدك فتنام على صدرها فى هدوء وقد اكتفيت بالحديث دون ان ترى من الجسد عريه أو تلمس تموجاته الناعمه .

تستيقظ فى الصباح على براءة ملامحها وقبله على جبهتك لم تعهدها من قبل تبحث عن الفراغات اللا متناهيه فى داخلك فلا تجدها . تتوالى الليالى ويتوالى الحديث وانت راضى بالابتسامه فى الصباح . ترفع تسعيرت درج مكتبك الأيمن حتى تستطيع ان تغطى تكاليف ابتسامتك . فدائما هناك من يدفع الثمن .

تسألك لماذا لم تتزوج فتبتسم وترفض الاجابه تلح عليلك تتدلل تخبرها انك لا تملك قلب . تعلم انك تراوغها تضحك وتلقى بنفسها داخلك تضمها . تعشقها . تشربها بدلا من قطرات ذوبان مكعبات الثلج فى كأسك . تريدها دون ثمن .تلتهم عرى الجسد تختبأ داخل تموجاته . تخبرك فى اذنك انها تحبك . تعتصرها داخلك . تخبرك انها لاذالت بكر . تهرب الدماء داخلك تنتفض تبتعد عنها قبل لحظة من السقوط.

تختلط المشاعر فى داخلك . ألف أمرأة مرت على هذا الفراش ولكن جميعهم كانوا قد سقطوا ألف مرة قبله . و لكنك لم تتخيل يوما ان تكون انت سبب فى السقوط ... لماذا ؟؟!! انتلقطت من داخلك لمحت علامات الحزن ترتسم على وجهها فتطغى على برأتها . ألف جنيه شهريا قالتها وغطى الصمت علي المكان دون ان تفهم انت شئ . لم تسأل أمرأة يوما لماذا ؟ فهم دائما يسقطون ويلتقون معك فى سقوطك . لماذا ؟؟ تخترق راسك وتنطلق فى الفراغات اللا متناهيه داخلك . ألححت عليها حتى تنهى هذه اللماذا التى تمزقك . أخبرتك أن ألف جنيه شهريا هو ثمن علاج والدتها . فهل هناك شئ أخر تملكه بنفس الثمن. ارتدت ملابسها وتركتك فى فراغك اللانهائى .. تقتلك افكارك .

فى المساء التالى جاءتك . تجردت من ملابسها . أرادتك ان تأخذ حق ما تدفع ثمنه . بكيت على على صدرها كما لم تبكى من قبل . هدهددتك لم تهدأ . تركت لها الفراش ورحلت . فى الصباح ارتطمت بالفراغ اللانهائى داخلك فوجدته هوه عميقه تبتلعك . فدفعت ثمن ما لم تملكه دون ان تبتسم.

كل يوم يزداد الحديث فتورا وتزداد مساحة الحزن على وجهها . تعشقها وتعلم انها تعشقك . تحترمك وتحترم تركك لها ترحل كل يوم دون ان تـخذ حق ما تدفعه .

اختفت وتركتك تسقط فى وحدتك . تمسح طرقات المدينه بحثا عنها .. تساومك نساء المدينه فترفضهم . تتابع مكعبات الثلج تذوب فى كأسك وحيده دون ان تلمسها . فتسقط فى فراشك وانت تشتاق إليها .

فى الصباح طلب أخر ينتظر ان تسقط عليه توقيعك . فتحت درج مكتبك الأيمن قى تلقائيه دون ان تنظر إلى صاحبه . ألقى بمبلغ من المال فى درج مكتبك . بحث حالة أخر للعلاج على نفقة الدوله . اسقطت توقيعك بالموافقة . فلا تهم الحالة ومدى أحقيتها طالما آمنت بأحقيت درج مكتبك الايمن .

اعدت الطلب إلى صاحبه بالموافقه . فوجدته هى . زلابيه أمامك تنتظر الموافقه على الطلب بعلاج امها . انتفضت داخلك . التقيت بكل غضب الدنيا فى وجهها . مزقتك وهى تمزق الطلب الذى عليه توقيعك بالموافقه. تمنيت لو تصفعك . شعرت بمدى ضألتك . رحلت تبعتها فى سرعة . استوقفتها لمحت دمعت حزن تسقط من عينيها . لماذا؟؟ تنطلق فى داخلك مرة اخرى تمزقك .
انطلقت كلماتها تصفعك بالاجابة ." الحاجة . الذل . الحقيقة ان الحاجة أم التنازل . لم أكن ابحث عن رجل ذلك اليوم . فقط كنت ابحث عن حل عن مخرج لهذه المعضله عندما ضاقت بى الأرض أتيت أنت بالثمن . كرهتك وانت تبرز ما تملكه وعشقتك وانت تحتضننى فى حنان لم أعهده من قبل . لم يمسسنى رجلا قبلك . ولم احترم رجل مثلك . ولم أخجل من عرى معك . الأن احتقرك لأنى ارى مدى عريك . "

صفعتك بكلماتها ورحلت وتركتك تسقط فى داخلك. الكفايه والعدل . هذا ما امنت به الكفايه والعدل . ماجستير فى الدراسات الاجتماعيه فى هذا الوطن يساوى مائة وخمسون جنيها شهريا . الكفايه والعدل . تعلم انه لولا درج مكتبك الايمن . لولا هذا المنزل الذى تركه لك والدك لما وجدت مكان يحتوى جسدك كل مساء . لم تتزوج .. ولدك رفض أطعامك مال حرام . وانت ترفض ان تطعم ابنك مال حرام فلم تتزوج . الكفايه و .... الذل .

أغلقت درج مكتبك الأيمن . باشرت عملك فيما يمليه عليك ضميرك . تجاهلت غضب مديرك فى نهاية اليوم حين لم يتلقى حصته . وتجاهلت محاضرته فى اليوم التالى عن العدل فى قاع درج مكتبك الايمن . وكيف ان الجميع يملك درج مكتب . فالاكبر هو ما يأتى بما يمرض الاصغر حتى يشبع درج مكتبه الايمن والاصغر يأخذ من الاصغر والجميع يملك درج مكتب ايمن . وهناك دائما من يدفع الثمن . الكفايه والعدل . تجنبت ثورته فى اليوم الرابع . والتقيت بقرار ايقافك عن العمل وتحويلك للتحقيق بتهمت الرشوة والتربح الغير مشروع وابتسامه كبيره ترتسم على وجه مديرك أمامك وهو يراقب درج مكتبك الايمن المغلق .

يبتلعك الفراغ فى داخلك . تبحث عن ايام عنفوانك عن مبادئك . الكفايه والعدل . هكذا تكون . كل يملك ما يريده الاخر وكل يحصل على ما يريده الاخر وكل يحصل على ثمن ما يدفعه . اقنعت نفسك بمدى خطأك فى اغلاق درج مكتبك الايمن . ذهبت إلى مكتبك وجدت شخص اخر يحتله . نظرت إلى درج مكتبه الايمن وجدته مفتوح عن أخره. انطلقت فى شوارع المدينه تبحث عن أمراة اخرى تستطيع ان تذيب مكعبات الثلج فى كأسك . لمحتها من بعيد . بخبرتك تحققت من هويتها والتى تعلنها ملابسها المثيرة . تتجه إليها بجراتك المعهوده تكتشف انها هى تبحث عن البراة فى وجهها فلا تجد سوى صنم ميت . ترحل فى سرعة من امامها تتبعك تتوه منها بين شوارع المدينه . تثور داخلك لماذا مرة أخرى فتفجر الهوه فى داخلك . تبحث عن مبادئك . الكفايه والعدل . الله ... الوطن ... الشعب كلمات لم تعد قادره على رفع هامتك ولا على مواجهت عذاب الالم داخلك ..الله .. الوطن ... الشعب .. اين اختفت هذه الكلمات ؟ الله... الوطن ال... الماذا؟؟؟ لا تعلم .

تعود إلى منزلك تجدها فى انتظارك تتخطاها تصعد إلى سطح المنزل . تتبعك . تتمنى ان تتحرر من كل شئ . تفرد يديك كجناحين وتحلق فى الهواء . يسقط الجسد فى سرعه تبحث فى دخلك فتجد الهوه وقد أمتلأت بالله ... الوطن ... زلبيه تبتسم مع ارتطام الجسد بالأرض

Tamer_silit

27/01/2007

11.55 am

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

صراع لا ينتهي

بين مبادئ متضاربة

...........

نص رائع من قلم رائع

شكرا لك استاذ تامر

،،،،،،،،،،،،،،
محمود لطفي

Tamer silit يقول...

استاذ محمود لطفى

وشكرا على مرورك ورايك الذى يشرفنى