هياكل لامعة للبيع
حين وطأت قدمى تلك المدينه للمره الاولى كسائح استوقفتى تلك المحلات التى تعرض فى واجهتها هياكل عظمية لامعة للبيع كانت الهياكل تقف داخل فترينتها شامخة قوية تحمل جمجمه براقه تحت اضواء النيون وتجويف عينين غامض يحمل رعب العالم داخله .
لماذا الهياكل بالذات ؟؟!!! ظل السؤال يدور فى راسى كعاصفة
.. كانت تتفوات اسعار الهياكل العظمية من هيكل لهيكل ومن محل لمحل وحين استوقفنى احد الهياكل الذى يزيد سعره عن اربعة اضعاف اى هيكل اخر معروض فى المدينه رغم هذا الثقب النافذ فى ضلعه الامامى الايسر مكان القلب مباشرة اتجهت لهذا الجسد الهلامى المخلى الزاحف الملقى على ارض المحل كرداء مهترأ لأستفسر عن سبب ارتفاع سعره ... فاخيرنى بان الهياكل تقدرة بجودتها وحكايتها معا , ثم لفت نظرى لان انظر لهذه الرصاصة التى تخترق الضلع امام القلب مباشرة ... ومدى ندرة هذا الحدث حيث انه رغم هذه الرصاصة الا ان صاحب الهيكل ظل على قيد الحياة وظلت لديه القدرة على اقتلاع هيكله من فتحة فى اخر الرقبة وثقلة ... استرسل صاحب المحل فى مدى جودة هذا الهيكل وكم احتاج من الوقت لثقله وغليه وازالة الشحوم من حوله وتثبيت عموده الفقرى بل دلل على ذلك بمدى نعومة الجمجمه ومدى نقاء وعمق تجويف العينين .
لماذا الهياكل بالذات ؟؟؟!!!
استرسل الجسد الهلامى الزاحف ... الهياكل هى السلعة الاكثر ضمانا الان والاطول عمرا فعلى الاقل تضمن بقاءها معك وليست كباقى السلع القابله للتلف او للسرقة . ثم اردف نحن الان نعلن ثقتنا ودعمنا لهياكلنا ونراهن عليها ونتباها بها امام العالم اجمع .
نحن كمدينه عريقة اكلتها الحروب والمنتفعين ولم يتبقى لاهلها سوى اكل انفسهم وبعد الحرب مباشرة كنا نراهن على كامل الجسد ولكن مع تلف اجسدنا وبعد ان فشلت خصيتنا فى اخراج البطل الذى يبحث عنه الجميع وعجزت قضباننا عن الانتصاب وتليفت الاكباد وعدم قدرتها على تحليل الحرام وفشلت الكلى فى تنقية سموم العالم واصبح القلب لا يحمل سوى مرارة الحروب وحزنها حتى جلودنا لم تستطع مناطحت جلود التماسيح وفرو الثعالب وحين فكرنا فى تحويل جلودنا لاغطيه وملابس داخليه منخفضة الثمن رفضها الداعرون لانها لا تمتص رائحة عرق دعارتهم فلم يتبقى لنا سوى هياكلنا لنراهن عليها بشده نسقلها ونبرز جودتها ولمعانها ونشد عمودها الفقرى لتنتصب واقفة فى شموخ لا يبليها الزمن نحن نضمنها ونتفنن فى ثقلها ليقبل عليها السائحون امثالك بعد عزوفهم عن شراء باقى الاعضاء كعادتهم دائما .
سألت الجسد الهلامى الزاحف امامى . لماذا لم تفكروا فى العقل .
تغير صوته لنبره جادة جدا واخبرنى انه على ان اتخذ قرار بشأن هذا الهيكل العظمى امامى الان معلنا انه يستطيع ان يمنحنى خصم جيد جدا مع تفاصيل كاملة عن حكاية هذا الثقب ففى النهاية هو هيكله العظمى فى الاساس ولم يتخذ قرار بشق نهاية العنق وسحبه من جسده سوى منذ ايام قليلة بعد ان راجت تجارة الهياكل بشده وزاع صيتها بين السائحين الاغنياء امثالى . توقفت القى نظرة طويله على الهيكل لاتخذ قرار بشأنه دققت كثيرا فى تلك الجمجمه اللامعه وهذا العمود الفقرى الذى يظهر من داخله الحبل الشوكى المشدود بشده داخله ليعكس مدى قوته تأملت كثيرا نعومة تلك العظام الطازجه كانها لم تستهلك من قبل ... كان الهيكل سليم وطازج تماما كأنه لم يمر عليه الزمن يوما او يصاب صاحبه بكدمه او حتى جزع الا ان الثقب فى ذلك الضلع الايسر امام القلب مباشرة استوقفنى كثيرا حتى اكتشفت انه تمت صناعته بدقه بمثقاب كهربائى وبحرفيه عاليه .... وقتها ملانى الغضب وفهمت لماذا لم يبيعوا عقولهم ونظرت بحده لصحاب الجسد الهلامى الزاحف امامى ورحلت مرددا داخلى لن يتوقفوا يوما عن ابتزاز السائحين امثالى والطمع فيهم فحتى الهياكل يتم غشها وغش حكايتها ... لكن لا بد ان اعترف اننى ندمت كثيرا بعد ذلك على تركى لهذا الهيكل فعلى الرغم من امتلاكى الان للكثير من الهياكل العظميه الشامخة الا اننى لم اجد يوما هيكل عظمى بتلك الجوده او الطزاجه ولا حكاية بمثل حكايته وصعوبت اكتشاف تزوير ثقب الرصاصة فى الضلع الايسر فرغم كل شئ الهياكل تقدر بمدى جودة ثقلها ومدى قوة حكايتها التى نتباها بها فى سهراتنا المسائيه الماجنه على شواظئ مدننا الغنيه
08/05/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق