السبت، فبراير 23، 2008

كان يقف هناك يبتسم


لابد ان اجده .....
هذه هى الكلمة الوحيدة التى كانت تترد داخل راسى فى رحلة العودة إلى ارضى الام . لكن كيف فهو كعادته دائما يجيد الاختفاء عندما يريد .
لا استطيع ان انكر مدى قسوته . ولا استطيع ان انكر انه أسر فينا جميعا بالسلب نتيجة قسوته التى لا تجد ما يصدها فتترك اثارها فى اجسدنا النحيفة فلا يستطيع الزمن ان يمحوها . لكن فى النهاية
كان يبقى سؤال واحد داخلى هل يستحق ذلك فعلا .
سنين طويلة مرت دون ان اراه بعد صدامنا الاخير وتركى للبيت رغما عن ارادته .. أحيانا كثيرة كنت اعتقد انه محق فى تبريره لقسوته بانها يخشى علينا من الحياة نفسها .. احيان كثيرة اعتقد انه لولى هذه القسوة لما استطنعا ان نواجه الحياة بكل قسوتها .
اين يستطيع ان يختفى انسان قارب على الثمانين لا تقوى قدماه على حمله ... ولا يرضى اولاده برعايته بعد رحيل زوجته فكعادته اعلن تمرده على كل شئ ولا شئ وفرض سلطته المطلقة وفر من دار المسنين واختفى .
نظرت فى وجوه اخوتى المجتمعين داخل منزله القديم لرؤيتى بعد هذه السنين . لم يتطرق احد منهم لموضوع اختفائه وانتابنى الشك حتى فى محاولتهم العثور عليه رغم مرور اسبوع على اختفائه ... حاولت ان اجتر معهم الذكريات فؤجئت بهذا الكم الهائل من الحقد والكره داخلهم له ... وما تحمله ذكرياتهم له ... لم يجرؤ احد على مواجهته فى وجوده سواى رغم انى اصغر ابناؤه ... وكانوا يتهمونى امامه بالحقد والتمرد . الان اصبح لقمة سائغة لهم .
تذكرته وتذكرت أنه رغم قسوته لم يترك احدنا يوما ينام حزين ... لم يترك احدنا يوما دون ان يحتضنه ويمسح دمعة الالم عن وجه بعد ان تهدأ ثورته . احيانا كثيرة كنت اشعر به يتألم اكثر مننا .
تذكرته وتذكرته مدى رعبه عندما كان يمرض احدنا او حتى يتأخر قليلا عن موعده .
تذكرت صوته فى الهاتف كلما حدثنى يرجونى ان اعود وانا اصر على موقفى وارفض العودة على الرغم من احساسى بدموعه تنهمر فى صمت .
تذكرته فى ليالى الشتاء البارده عندما كان يجمعنا حوله ويقف فى منتصف صالة المنزل يمرح مع الجميع ويطلق نكاته لتتوالى موجات الضحك فيملاء الدفء المكان .
تأملت وجوه اخوتى كثيرا تذكرت مكالمتهم لى التى كانت لا تأتى إلا عندما يريد احدهم شيئا من بلاد الغربة ... شعرت بالاختناق تأكدت بأن كل الهواء داخل المنزل اصابه الفساد .
لا يستحق كل هذا .... صرخت بها فى وجه الجميع وانا انتصب فى منتصف صالة منزله القديم
لا يستحق كل هذا فعلى الرغم من كل شئ كان يقف هنا يبتسم ... قلتها واتجهت خارج المنزل وانا مصر هه المرة على ان اجده

هناك 10 تعليقات:

Moustafa` يقول...

غيبه طويله لم أفقد فيها الامل فى إيجاد بوست كمثيله السابق
ود حننت علينا بأروع منه
جميل السرد .. هو من اول كلمه فيه .. كلاسيكى يقوم على السرد المفصل لنهايه معروفه
اهم حاجه حتت الفلسلفه الحكميه اللى جواه
ساعات كتير بيبقى فى نفاق وبيعجب الواحد .. وصدق مشاعر وتتهم بالحقد والكراهيه..
احتضان للآخر من اجل المال .. عزوف عن التملق واشتياق للحضن الدافئ
أصغر الاولاد وأكثرهم معاناه ينسى والده
القصه تتكرر كل يوم
لكن أسلوب السرد مميز
تحياتى كتير
بس فى تعليق كده صغن
لا يسنحق كل هذا
..مش عارف حاسس انو تعبير بيستخدم لرفض الحسنه
لا لغمتعاض السيئه
جرب معى كده
حرااام يا جماعه ..ابويا ما يستهالهشى كل ده
نفس المعنى بس اللغه العاميه هنا بتبقى اروع لأانها هتخرج عامى مش هتخرج فصحوى
هو ده التطريز ..
تابع وانا متابع
تحياتى كتير

Tamer silit يقول...

s@gi l'ombre

اولا اعتذر عن الغياب وعن التأخر فى الفرد ايضا بسبب النت نفسها

ثانيا بالتأكيد اتفق معك فى كل ما تقوله فأحيانا كثيرة تختلط المشاعر والاهداف وكيفية حكمنا عليها

بالنسبة لاستخدام العامية

ربما تكون على صواب وربما يكون الاستخدام بالطريقة التى وصفتها انت اقوى

لكنى صراحة من من لا يميلون للخلط بين العامية والفصحة اولا

ثانيا حتى اذا حاولت الخلط لا استطيع فى احيان كثيرة

بالتالى سوف تجدنى عندما استخدم العامية استغلها لاقصى درجة وبالعكس مع الفصى احياناوتستطيع ان ترى ذلك فى خوالطرى داخل اوراق من عمرى اما الخلط فقأنا فاشل فيه لإلى اقصى درجة

شكرا على مرورك وكلماتك التى تشرفنى دائما

Tamer silit يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Tamer silit يقول...

ok

رحــــيـل يقول...

رائعه تلك الماشعر المتضاربة

كثيرا مانقع فيها

احترام او خوف ورهبه حقد او اعجاب بموقف ما

كل تلك المشاعر اصغتها انت بشكل رائع

فتحياتى لك

سندباد يقول...

فعلا الدخول لمدونتك هدوء بس مش مؤقت
تحياتي لمجهودك
زيارة اولي وباذن مش هاتكون الاخيرة
لك تحياتي

MKSARAT - SAYED SAAD يقول...

تامر سليط
بقالك فتره مش باين ليه يا رب يكون المانع خير
------
شعرت بالاختناق تأكدت بأن كل الهواء داخل المنزل اصابه الفساد
عارف يا تامر العباره ديه بتحصل كتير وبتحقق في اوقات كتيره تشبيهك عجبنى اوي
وسؤالك انا مقتنع ان اجابتك عنه ستكون بالنفي
دمت بكل ود
سيد سعد

HANY YASSIN يقول...

قصة جميلة و مؤثرة

لا بد ان نفكر فى الاشياء الجميلة اولاً
ونحكم ضمائرنا
كثيرين حالياً اصبحوا لا يرون الوجه الجميل من اى شئ ربما الحياة الصعبة التى نحياها

دمتم بكل ود نتشرف بزيارتكم مدونتى

http://hanyyassinblog.blogspot.com/

غير معرف يقول...

مَرْحَباً سَيِّدِيْ

أبْجِدَيآتُ حُرِوفِكَ تَأسِرُنِيْ وَجِداً

هَذِهِ كَآنَتْ جَمِيَلَةْ فَحَقاً أحَيْناً نَرَىْ

القَسْوَةْ دآفِعاً لآ مَآنِعاً

وَ رُبَ شَخْصٍِ قَسَىْ عَلِيكَ فََمآ نِلْتِ مِنْهُ إلآ خَيراً

فَمآ بآلُنآ انْ كآنُ يُخآلِطُ الدِمآءْ

.. / كُنْ بِخَيرْ

r يقول...

أرتباطنابشئ كالوطن او الارض او البيت حتى الاب والام متأصل فينا كالجذور والارض
يمكن نلاقى منهم قسوه واشياء اخرى كثيره ولكن يظل حنينا اليهم اقوى من اى شئ
ورغبتنا فى العوده لهذه الارض لانها اصلنا
هكذا وجدت قصتك
عوده للاصل
سلمت