الثلاثاء، مايو 27، 2008

ميلاد موت


ميلاد موت




( لا توجد حقيقة مطلقة فى هذا العالم فالحقيقة تتكون من كيفية رؤيتنا للامور )
اطلق ضحكة لامبالية اعتراضا على ما اقول مواصلا سيره الموازى لى على ذلك الكوبرى اعلى النهر مخترقا بعينه القاع محاولا اثبات ان المشكلة تكمن فى كيفية تفسيرنا للامور وان واقع الحياة انقى من كل ذلك وعندما ظهر هذا الطفل فى منتصف النهر مستغيثا بالجميع من الغرق حاولت منعه من القفز إليه مدعيا ان ما يحدث ما هو سوى صورة اخرى لتمثلية الراعى والذئب اطلق ضحكته اللامباليه معلل إندفاعه بماذا لو كان يغرق حقا وماذا لو اعتقد الجميع مثلى!! وقفز ....
سبح الطفل بسرعة إلى اتجاه الشاطئ ووقف وعلى وجهه ابتسامة تعلن انتصاره على ضحيته الجديده منتظر ظهوره مرة اخرى وكلما طال وقت اختفاؤه داخل النهر كانت ضحكت الطفل تختفى ليحل محلها الرعب وانا يبدأ اقتناعى بأن واقع الحياة أوضح من جميع تفسيرتنا يزداد ....

******
اطلق دخان سيجارتى ليحتوى الفراغ المحيط بنا بينما هى تسترسل فى حديثها عن زوجها ومدى عشقه لها وحنانه ومحاولاته الدائمة لارضائها مؤكده كلامها بانها اكثر النساء حظا فى العالم ..
وعندما سالتها هل تشعر بالالم عندما تخونه ألقت بجسدها العارى على صدرى مندفعة معى فى قبلة شهوانيه غريبة مؤكده لى أن قمة الرغبة تنبع من الرفض وانا فقط من رفضها كثيرا

******
( لا يوجد شئ فى هذا العالم يكفى ليمنح الانسان شعور بالرضى سوى نفسه ) هذا ما اكدته لنفسى بعدما اكتشفت ان على الرغم من كل ما استطعت تحقيقه فى الحياة لم احقق شئ وان سعى الدائم والمندفع دائما وراء شئ اجهله لن يتوقف يوما مهما كان شعور الجسد بالتعب أو النفس بالانسحاق سوى مع توقف القلب عن نبضاته وان لحظات الراحة لاتاتى سوى من داخل النفس نفسها.... تذكرت موعدى القادم فاندفعت لاهثا محاولا اللاحق به مؤكدا لنفسى ان الشعور بالرضى لا ينبع سوى من النفس نفسها ... فقط اذا استطعنا العثور عليها

******
انا لا اخشى الموت لا اخشى هذه اللحظة التى يتوقف فيها المخ عن ارسال نبضاته الكهربائية إلى الجسد او عندما يتوقف القلب عن حركته فهذه نهاية ليست اكثر وانا لا اخشى النهايات .... لكن اكثر ما اخشاه هى لحظة ميلاد هذا الموت فلكل موت ميلاد يبدأ عندما تكتشف انه لم يعد هناك شئ اخر تستطيع تحقيقه سواء كنت فى قمة الحياة وحققت كل ما تريده او فى القاع ولم تحقق اى شئ ولم تعد تملك القوة او الرغبة فى تحقيق اى شئ ... لذلك كان لابد من وجودها هى ...كان لابد من وجود شغفى الدائم بها من وجود هذا السعى الدائم إليها ومحاولت تحقيق الحلم بها حتى نظل فى منتصف الحياة فانا احى بها ومعها ولها ولكن دائما كان يقتلنى هذا السؤال ماذا لو رحلت ...

*****
هذا الصمت والبسمة التى لم تعد تولد حين ترانى الجمود البادى على وجهها اللمسات البارده الحديث الذى يقتل فى المنتصف وكانه لا اهمية لاكتماله اشياء لم اعتادها منها من قبل .. اشياء تخبرنى ان ذلك الحبل السرى الذى نشاء بيننا لحظة اللقاء لتنشأ دائرة الاكتمال قد بدأ فى الانقطاع ... اعلم انها انتظرتنى كثيرا واحتملتنى كثيرا احتملت معى الانسحاق حتى النهاية عندما سحقتنى الحياة ... اعلم انها تخشى مشاعرها لكن عندما اتحول بالنسبه لها إلى انسان عادى مثل الجميع تخفى امامه مشاعرها بهذا القناع من الصمت ومن الحده تحقق ما اخشاه منذ سنين فى كل مرة كانت ترحل عنى دون ان تنظر خلفها .... لم تتسأل يوما عن سبب انتظرى بعد رحيلها ومنادتى دائما لها مرة اخرى بعد رحيلها لتلتفت خلفها متعللا بالتأكيد على اتصالها بى فى المساء ... لم تنظر خلفها يوما بعد رحيلها سوى فى ثانى لقاء لنا .. وقتها فقط تأكدت من علمها بقدرتى على رؤيتها كما لايستطيع الاخرين ان يروها .. تأكدت من اننى سوف اعشقها كما لم يعشق احد من قبل فتكون منى واكون منها ... وقتها فقط تأكدت من سبب قدرتى على الرفض و رفض هذه القبله الشهوانية وهذا الجسد العارى الملقى على صدرى لانى لا استطيع ان اخونها حتى من قبل ان اراها ... وقتها فقط تأكدت من مدى ابتعاد لحظة ميلاد الموت عنى .. لكنها الان تجعلنى اقف دائرا حولى اتساءل وانتظر ان تبتسم حين ترنى وان تنظر خلفها مرة اخرى بعد الرحيل

*****
صديقى الصاعد من النهر اخبرنى انه لم يغضب من ذلك الفتى الذى ادعى الغرق على الاطلاق رغم تعريضه للموت فهناك أمور فى ذلك العالم لاتحتمل سوى المغامرة وان مشكلتى فى فى هذا العالم رغم اندفاعى الدائم للمغامرة هى كونى عكس باقى البشر ارفض عدم وضوح الرؤية وانصاف الحلول ارفض ان اعيش بنصف مشاعر وارفض ان تاخذنى الحياة اخبرنى ان مشكلتى فى الحياة تكمن فى اعتقادى بانه اما هناك وجود او لا وجود... صديقى الصاعد من النهر اخبرنى انه غاب كثيرا داخل النهر لانه شعر بالراحة عندما احاط النهر بكل شئ وفصله عن هذا العالم فلم يحاول حتى الصعود لانقاذ ذلك الطفل الذى يدعى الغرق ... تركته وانا لا احمل فى نفسى سوى تساؤل واحد يؤرقنى هل سوف تنظر خلفها بعد الرحيل يوما ام ان ميلاد الموت قد بدأ بالنسبة لى بالفعل

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

مِيلآدُ مَوْتٌ ؛ قِصَةْ فِيْ قِمَةْ الرَوْعَةِ سَيِّدِيْ

وَ أسْلوبٌ جِدْ رأقِيْ فِيْ السَرْدِّ وَ الحِوآرْ

رآقَ لِيْ قِرآءَتُهآ ,,

أنْتَظرُ القآدِمَ بِشَغَفْ

أسماء علي يقول...

القاص الرائع تامر ..
ميلاد موت
بداية انفصال عن الواقع
كل شيئ يصل إليه أبطالك هو شغفهم ب الأنا ...
...
هي توده لأنه أكثر من رفضها .. ولا يهم زوجها .
...
هو بدأ في التشبث بها و لعله لن يخونها .. على الرغم من أنها خائنة ..
...
هو لم يهتم بإنقاذ ذلك الطفل المُدعي.. فقط تأخر لأنه شعر بالراحة والماء حوله .. ولا يهم لو كان الطفل غريق حقيقي ..
..
أعتقد نتحدث هنا عن ميلاد موت من نوع آخر ..

Unknown يقول...

كاروهات ياصديقي كاروهات

سيل من العبثية والتشتت وعدم الوضوح غارقين فيه حتي أذننا
ولا نجد من يقفز لينقذنا وحتي ان قفز يغرق فيه قبل غرقنا

أكثر الأشخاص راحة لنا...أنفسنا
اذا استطعنا ايجادها كما قلت
سنحاول ارضاءها بالتأكيد

تحفة ياتامر القصة تحفة

أعجبتني وبشدة قالت كلام كتير قوي جوانا مابيتقالش

تحياتي

MKSARAT - SAYED SAAD يقول...

تامر
اسلوب ممتع ربما لأنى في حاله زهنية تسمح لقبول كلمات مكتوبة بحنكة جميله
احيك على ميلاد الموت
جميل جدا
سيد سعد

r يقول...

غريب هو امرنا عندما نختار المغامره ونرفض نتائجها
وفعلا لا توجد حقيقه مطلقه الا من خلال رؤيتنا ليها واقتناعنا بيها
فبناءا عليه الاخلاص وعوده الراحلون دا اكيد من باب اللامنطق لان الموتى لا يعودون
والافضل الا نربط موتنا بأحد يرنا -- هكذا علمتنى الحياه
تظل قصصك محل للفكر والتفكر يا تامر
سلمت دايما